فصل: 249- باب مَا يقوله عِنْدَ النوم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.248- باب الذكر عِنْدَ الصباح والمساء:

قَالَ الله تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} [الأعراف: 205].
قَالَ أهلُ اللُّغَةِ: «الآصَالُ»: جَمْعُ أصِيلٍ، وَهُوَ مَا بَيْنَ العَصْرِ وَالمَغْرِبِ.
قال ابن كثير: يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره كثيرًا.
{تَضَرُّعًا وَخِيفَةً}، أي: رغبة ورهبة، وبالقول. ولهذا قال: {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}. وهكذا يستحب أن يكون الذكر، لا يكون نداءً وجهرًا بليغًا. انتهى ملخصًا.
وقال مجاهد وغيره: أمر أن يذكروه في الصدور، وبالتضرع إليه في الدعاء، والاستكانة دون رفع الصوت، والصياح بالدعاء.
وقال تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130].
قيل: المراد من التسبيح: الصلاة المكتوبة. وقيل: على ظاهره.
والصواب: أن الآية عامة للصلاة، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وجميع الذكر.
وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإنْ استطعتم أنْ لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها فافعلوا». ثم قرأ هذه الآية.
وقال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ} [غافر: 55].
قَالَ أهلُ اللُّغَةِ «العَشِيُّ»: مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ وغُرُوبِهَا.
قال: ابن كثير: وقوله تبارك وتعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [غافر: 55]، هذه تهييج للأمة على الاستغفار. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ}، أي: في أواخر النهار، وأوائل الليل.
{وَالْإِبْكَارِ}، وهي أوائل النهار، وأواخر الليل.
وقال تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسْبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ...} الآية [النور: 36، 37].
قال ابن عباس: المساجد بيوت الله في الأرض، وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض.
{أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ}، قال: مجاهد: أن تبنى.
وقال الحسن: أي: تعظم لا يذكر فيها الخنا من القول.
{وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}، قال ابن عباس: يتلى فيها كتابه.
{يُسَبِّحُ لَهُ}، أي: يُصَلَّ له فيها.
{رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ}.
فيه: إشعار بهممهم السامية، وعزائمهم العالية التي بها صاروا عمّارًا للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وذكره.
وقال تَعَالَى: {إنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ} [ص: 18].
قال ابن كثير: أي أنَّه تعالى سخَّر الجبال تسبِّح مع داود عند إشراق الشمس، وآخر النهار، كما قال عزَّ وجلّ: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10]، وكذلك كانت الطير تسبِّح بتسبيحه، وترجِّع بترجيعه، إذا مر به الطير وهو سابح في الهواء، فسمعه وهو يترنَّم بقراءة الزبور ولا يستطيع الذهاب، بل يقف في الهواء ويسبح معه، وتجيبه الجبال الشامخات، ترجع معه وتسبح تبعًا له.
1451- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ حِيْنَ يُصْبِحُ وَحينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأتِ أَحَدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلا أحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ». رواه مسلم.
فيه: إيماء إلى أن الاستكثار من هذا الذكر محبوب إلى الله تعالى.
1452- وعنه قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رسولَ الله مَا لَقِيْتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ! قَالَ: «أمَا لَوْ قُلْتَ حِيْنَ أمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ: لَمْ تَضُرَّك». رواه مسلم.
قال القرطبي: منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه، فلم يضرني شيء إلى أنْ تركته فلدغتني عقرب ليلًا، فتفكرت في نفسي فإذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات.
1453- وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كَانَ يقولُ إِذَا أصْبَحَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أصْبَحْنَا، وَبِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإلَيْكَ النُّشُورُ». وإذا أمسَى قَالَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنَا، وبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ. وَإلْيَكَ النُّشُورُ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
قال في «النهاية»: «وإليك النشور»، يقال: نشر الميت ينشر نشورًا، إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله: أي أحياه.
قوله: «وإليك المصير»، أي: إليك المرجع.
1454- وعنه: أنَّ أَبَا بكرٍ الصديق رضي الله عنه قَالَ: يَا رسول الله مُرْني بِكَلِمَاتٍ أقُولُهُنَّ إِذَا أصْبَحْتُ وإذا أمْسَيْتُ، قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ؛ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إِلا أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَّرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ» قَالَ: «قُلْهَا إِذَا أصْبَحْتَ، وإذَا أمْسَيْتَ، وإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
زاد الترمذي من طريق آخر: «وأن نقترف على أنفسنا سوءًا، أو نجره إلى مسلم».
وفي هذا الحديث: استحباب هذا الذكر عند الصباح والمساء وعند النوم.
1455- وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمْسَى قَالَ: «أَمْسَيْنَا وأمْسَى المُلْكُ للهِ، والحَمْدُ للهِ، لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ» قَالَ الراوي: أَرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ: «لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدير، رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ، وَعَذَابٍ في القَبْرِ»، وَإذَا أصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أيضًا «أصْبَحْنَا وأصْبَحَ المُلْكُ للهِ». رواه مسلم.
فيه: استحباب هذا الذكر في الصباح والمساء.
1456- وعن عبد الله بن خُبَيْب- بضم الخاء المعجمة- رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ: قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ، والمُعَوِّذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبحُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
فيه: استحباب قراءة المعوذات في المساء والصباح.
1457- وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ وَلا في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، إِلا لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
رُوي أن أبان بن عثمان راوي الحديث، عن أبيه، كان قد أصابه طرف فالج، فجعل رجل ينظر إليه، فقال له أبان: أما إن الحديث كما حدثتك، ولكني لم أقله يومئذٍ ليمضي الله عليّ قدره.

.249- باب مَا يقوله عِنْدَ النوم:

قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ في خَلْقِ السَّماوَاتِ والأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهمْ وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ} الآيات [آل عمران: 190، 191].
1458- وعن حُذَيْفَةَ وأبي ذرٍّ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِراشِهِ، قَالَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وأَمُوتُ». رواه البخاري.
فيه: استحباب هذا الذكر عند النوم.
1459- وعن عليٍّ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ ولِفَاطِمَةَ رضي الله عنهما: «إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا- أَوْ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا- فَكَبِّرا ثَلاَثًا وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، واحْمِدا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ» وفي روايةٍ: التَّسْبيحُ أرْبعًا وثلاثينَ، وفي روايةٍ: التَّكْبِيرُ أرْبعًا وَثَلاَثينَ. متفق عَلَيْهِ.
قال بعض العلماء: بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات لم يأخذه إعياء فيما يعانيه، من شغل ونحوه.
قلت: ويشهد لهذا سبب هذا الحديث، وهو أن فاطمة سألت النبي صلى الله عليه وسلم خادمًا، فذكر لها هذا الذكر، وقال: «إنه خير لكما من خادم».
1460- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَليَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إزَارِهِ فإنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبي، وَبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإنْ أَرْسَلْتَهَا، فاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ». متفق عَلَيْهِ.
فيه: استحباب نفض الفراش قبل الاضطجاع لئلا يكون دخل فيه حية، أو عقرب، أو غيرهما من المؤذيات وهو لا يشعر، وقد قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر: 42].
1461- وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ في يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بالمُعَوِّذَاتِ، ومَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ. متفق عَلَيْهِ.
وفي رواية لهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرأَ فيهِما: {قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ}، وَ{قَلْ أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ}، وَ{قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثُمَّ مَسَحَ بِهِما مَا استْطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهما عَلَى رَأسِهِ وَوجْهِهِ، وَمَا أقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. متفق عَلَيْهِ.
قَالَ أهلُ اللُّغَةِ: «النَّفْثُ» نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلا رِيقٍ.
المعوِّذات: «قل هو الله أحد»، والمعوذتين، كما فسره في الرواية الأخرى.
والنفث: شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل.
1462- وعن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيتَ مَضْجعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأيْمَن، وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوضْتُ أَمْرِي إليكَ، وأَلْجَأتُ ظَهرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً وَرهْبَةً إليكَ، لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلا إليكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ، فإنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». متفق عَلَيْهِ.
قوله: «أسلمت نفسي إليك»، أي: جعلتها منقادة لك، تابعة لحكمك.
و «فوَّضت أمري إليك»، أي: رددته إليك.
و «ألجأت ظهري إليك»، أي: اعتمدت عليك في أموري كلها.
و «ورغبةً ورهبةً إليك»، أي: خوفًا من عقابك وطمعًا في ثوابك.
و «لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك»، أي: لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك، ولا منجا إلا إليك.
و «آمنت بكتابك الذي أنزلت» يعني: القرآن وجميع الكتب السماوية.
و «وبنبيّك الذي أرسلت». وفي رواية: أنَّه قرأها البراء فقال: و«وبرسولك الذي أرسلت». فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قل: وبنبيّك الذي أرسلت».
و «فإن متَّ متَّ على الفطرة»، أي: الدين. وفي رواية: «وإن أصبحت أصبت خيرًا، واجعلهنَّ آخر ما تقول ليكون ختمًا حسنًا».
1463- وعن أنس رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وكفَانَا وآوانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كَافِيَ لَهُ وَلا مُؤْوِيَ». رواه مسلم.
فيه: تعداد العبد للنعم على نفسه، والنظر إلى من جعلهم الله دونه، فهو أجدر أن لا يزدري نعمة الله عليه.
1464- وعن حذيفة رضي الله عنه أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ، وَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
ورواه أَبُو داود؛ من رواية حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وفيهِ أنه كَانَ يقوله ثلاث مراتٍ.
هذا منه صلى الله عليه وسلم خضوع لمولاه، وأداء لحق مقام الربوبية، وتنبيه للأمة أنْ لا يأمنوا مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.